Sunday 2 September 2012

هذه صورة لأبعد مجرة أكتشف إلى حد الآن نشرتها وكالة ناسا مؤخراً، تكونت بعد الإنفجار الكبير بحوالي 420 مليون سنة وتبعد عنا بأكثر من 40 مليار سنة ضوئية، وقد استغرق ضوئها 13.3 مليار سنة للوصول إلى كوكبنا.
عملية البحث عن أقدم الأجسام الفضائية وأبعدها، تتطلب مسح الفضاء الخارجي  تلسكوبياً في جميع الإتجاهات، والمعاينة الدقيقة لكل جسم يظهر في الصور الملتقطة. ألا يستغرب المؤمن إذاً من أن جميع التلسكوبات المستخدمة في هذا المسح الشامل، بأنواعها المتعددة، الضوئية والإشعاعية، لم تعثر على أي أثر لتلك السماء الهائلة الملساء، الخالية من أي شقوق أو صدوع لمهارة مقاولها، والتي يأمر القرآن الناس منذ 1400 سنة وفي عدة مواضع من سوره بأن يتمعنوا بها بالعين المجردة؟ وهذه إحدى آياتها (أعلّم الأمر بالأحمر):
الذي خلق سبع سموات طباقا ماترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور (الملك -3) (الفطور = الصدوع، الشقوق).
بشرية النص بأخطائه وسذاجته الفاضحة واضحة، فكيف تفوت على المؤمن دون أي يلتقطها؟
لأن عقل المؤمن حبيس محيطه، وتأثير العوامل الدماغية التي ترسخ معتقدات بيئته في رأسه ليس من السهولة تفكيكه. ولكننا نعرف، كوننا منهم، أن هناك ممن نجح في فكّه، وانطلق في ربوع الحرية وتقرير المصير، فما الذي يميز أحدهما عن الآخر؟ هذا أحد الأسباب التي تبقي المؤمن رهين فكره الموروث:
خلال الأيام الماضية، جرى حوار ساخن بيني وبين صديق قديم لي لا أراه إلاّ نادراً. لم يكن يعرف ذاك الصديق عن التحرر الفكري الذي أسعدني الحظ به إلاً من بعد تلقي عينة من انتقاداتي للعقلية الخزعبلية التي تسود المجتمع. وماذا كانت ردة فعله؟
بعد أن أغلق فمه عقب سقوط حنكه من الصدمة، أول عبارة خرجت من فمه، العبارة التي تكشف بلاشك الدوافع الكامنة في باطن عقله، هي: تهديدي بعذاب النار!!! 

هذا هو الدافع القاعدي لسلوكيات ومعتقدات المؤمن في الحياة، العواطف النيئة، ذلك الزر الذي تضغط عليه الأديان للتعبئة والسيطرة والإخضاع.
وماذا كانت ردة فعلي أنا؟
ضحكت عليه. ولم تكن الضحكة متعمدة للسخرية، بل كانت عفوية تماماً بسبب درجة السذاجة في كلامه. وهنا تكمن المشكلة: السذاجة والسطحية في التفكير.
أخونا المندهش ليس بإنسان عادي من عامة الجمهور، بل هو رجل كبير و"ناضج" وجامعي و"مثقف" وواسع الإطلاع (الإقتصادي والسياسي) وكثير القرائة والسفر، وله علاقات كثيرة مع عدة شخصيات أجنبية. وهذه كلها من مقومات الإنفتاح والإنطلاق إلى رؤية أوضح، وإدراك أعمق للواقع المظلم الذي يحيط به. ولكن هذا لم يحدث، ليس مع هذا الإنسان فقط، بل مع الكثير من حوله.
والسبب؟ أصبعي يشير، من جملة المتهمين، بالخصوص إلى وزارة التربية والتحفيظ، والمؤسسات التلقينية التي تسمى عبطاً أو مكراً بالمؤسسات التعليمية، والعصابات السلفية التي قلبت المدارس التقليدية إلى مدرسات تحفيظية على غرار مدرسات وزيرستان، تضع أهمية قرائات كتب الجاهلية فوق إهتمامها بالعلوم التجريبية. وقد نجحت نجاحاً كالح السواد في تطبيق فلسفة "لاتسألوا عن أشياء إن تبد لك تسؤكم" في مناهجها، فخرّجت دفعات من المهندسين والأطباء والمحامين والمدرسين والقياديين المهنيين، الذين تعبت عيونهم من القراءة إنما أعفيت عقولهم من التمحيص والتحليل، فلم يخطر ببالهم أن يطرحوا على أنفسهم أبسط سؤال: أين تلك السماء التي أمرنا أن نعاينها؟ وظلوا رغم "ثقافتهم" مؤمنين بـــ:
وجود كيان فضائي خارق له كرسي، لا يجلس عليه، وله بيتين، مو ساكن فيهم، وموجود في مكان ما، إنما لا يحتويه مكان، وله جنود لاتحصى، ولكن لايحتاجهم، وأن هذا الكيان ليس بذكر أو بأنثى، ولكنه رغم ذلك فهو مذكر، وأنه بنفس الوقت في غاية الكرم وغاية البخل، وغاية الرحمة وغاية القسوة ...
وأنه سيجهز لخلقه حفرة ببنزين وفحم، سيشعلها بهم فيما لو عصوه، ترتعد أوصالهم منها كلما ذكرها لهم أحد.

No comments:

Post a Comment