Saturday 14 June 2014

حيلة المناورة !!

المؤمن يجد إرتياحية خاصة فى اللجوء لمنظومته الدينية كونها تشكل له درجة من الأمان والإحتياج النفسى لعبور كل الظلم والقسوة والجهل فى الحياة .
وكما ذكرنا سابقا أن النفس المحتاجة لهكذا وضعية تسوق العقل لوضع ترتيبات ذهنية تكرس حالة الإستسلام والإستكانة للفكرة ..ولكن العقل قد يواجه إشكاليات فى بلع وهضم كل الحمولة المحملة بالسذاجة والخرافة .
هنا العقل يقوم بتأثير من النفس التى تهتز ثوابتها بإبتكار وسائل دفاعية تجعل الأفكار تبقى على حالها ..ومن هذه الإبداعات حيلة المناورة .

المؤمن يتحصن بمعتقداته وخرافاته وغيبياته فى حالات كثيرة أمام تهميش وتحقيرمعتقدات وخرافات الأخرين ..فهو هنا يخلق حالة منطقية وعقلانية مؤقتة يواجه يها أطروحات الأخر الغيبية والخرافية ليخرج منها بقناعة فساد فكر الأخرين إذن تكون أفكارى وخرافاتى مقبولة .

هذا الأمر تتلمسه بسهولة فى إمتلاك الكثير من المؤمنين معلومات ما سواء أكانت متماسكة أو سطحية عن معتقدات الأخر, ليخرج فى النهاية أن الجميع فاسد فكريا وعقائديا إذن فمعتقدى يكون صالحا .

لا أنكر أن نقد بعض المؤمنين للمنظومات الدينية الأخرى تستند فى كثير من الأحيان على نقد منطقى واعى ..وقد يصل فى مرحلة عند بعض المتقدمين ثقافيا إلى نقد علمى جيد يرتكز على علوم مثل الميثولوجيا والأنثربولوجى والتاريخ ,,ولكن المأساة الملهاة تكمن فى أنه لايمد النظرة المنطقية والعقلانية والعلمية على منظومته الدينية ..إنه يستخدم العلم والمنطق لنقد معتقد الأخر حتى يولد حالة نفسية بأن الجميع قد فسدوا , ويبقى إيمانه هو الصالح الذى لا تشوبه شائبة .

نستطيع أن نذكر العشرات من الحجج التى يتناولها أصحاب الأديان لبعضهم البعض ..فترى المسلم يسخر من العبادات الوثنية كعبادة البقر عند الهندوس ,وتقديس الصور والأيقونات عند المسيحيين ,ويكون نقده صحيحا ولكنه ينسى أو يتناسى ,أنه يقدس الحجر الأسود ,ويقبله .
المسيحى ينتقد الإسلام هو الأخر فى أنه يسرد قصة العجل الطائر فى الفضاء والذى يعرف بالبراق ويبين المنتقدين إستحالة وجود أى كائن يستطيع أن يسبح فى هذا الفضاء اللانهائى ..وتكون وجهة نظرهم صحيحة ولكنهم نسوا أو تناسوا أيصا أن النبي إيليا كان يصعد إلى السماء عن طريق سلالم والملائكة تصعد أمامه .

مثال أخر نراه بشكل متداول فى المنتديات وخصوصا منتدانا ,وهى التى يخوض فيها المؤمنون بالنقد والتشكيك لنظرية التطور , فتجد حرص كل زميل مؤمن أن يخوض فى هذا الأمر ..بالطبع ليس هنا مجالنا فى الدفاع عن نظرية التطور التى تؤكد نفسها بألاف الأدلة والبراهين ...ولكن ماذا يعنى نقد نظرية التطور والسخرية منها ..معناها الوحيد أنها تعطى للمؤمن راحة فى قبوله نظرية الخلق الطينية الأسطورية المهترأة .
المؤمن إذا كان يمتلك درجة ما من الثقافة العلمية فهو يخوض فى الحلقات المفقودة فى التطور, والتى لم يعثر على أحفوريات لها أو يعتمد على بعض الأطروحات عن الخلق الذكى ...ولكن هو لا يحاول أن يكمل نفس المنظور العقلى العلمى فى تمديده على نظرية الخلق الطينية .
هو يستخدم العقل لمحاولة تسخيف فكرة التطور لتعطى له حالة من الإرتياح لقبول نظرية الخلق الأسطورية .

لم يسأل أى دينى نفسه ..هل معنى أن يكون دين الأخر خاطئا ومشوها ويعج بالخرافة والغيبات ..هل يجعل معتقدى وخرافاتى وغيبياتى صحيحة بالضرورة .؟
لم يسأل أى مؤمن نفسه ..هل لو كانت نظرية التطور خاطئة وعبثية ..هل بالضرورة تكون نظرية الخلق الطينية صحيحة .؟

فى الحقيقة لن يسأل أى مؤمن  نفسه هذا السؤال المنطقى !!..لسبب بسيط .
أن أليات العقل تم إستخدامها لغرض وهدف محدد ,وهو الوصول إلى عتبات حالة إيمانية محددة وتسكين النفس المضطربة داخل أسوارها ..هنا يناور العقل فى الطعن والتشكيك فى معتقدات الأخرين ليصل إلى نتيجة يأملها فى أن الجميع فاسد ,ويبقى معتقدى هو الصحيح فى هذا العالم ..صحيح هو يقفز على منطقية فكرة أنه إذا كان الكل فاسد فليس بالضرورة أن تكون غيبياتى وخرافاتى هى الصحيحة ..فليس هذا بغريب على أليات عقل تم تحفيزه لقبول نقد حمولة الأخرين الغيبية والخرافية ..وتخديره فى الوقت ذاته بقبول حمولة مشابهة لخرافات وغيبيات ساكنة فى الداخل .

إن عملية نقد الأديان من أصحاب الأديان أى النقد الدينى الدينى , ماهى إلا مناورة عقلية يحاول بها الذهن إيجاد حالة من الإرتيحاية للحالة الإيمانية السائدة والمأمولة .

No comments:

Post a Comment